أورتاغوس غداة زيارتها: “حزب الله” سرطان… أكثر من 500 عملية أنجزها الجيش في الجنوب
كتبت صحيفة “النهار”: يبدو واضحاً أن لبنان الذي يطوي اليوم الشهر الثالث من عمر عهد الرئيس جوزف عون، بات يقف عند المقلب الثاني من طلائع المرحلة الجديدة التي تشهد مزيجاً متلازماً من الخطوات الأمنية والعسكرية الهادفة إلى استكمال بسط سيادة الدولة واحتكارها للسلاح والإجراءات الداخلية المتصلة بورشة الإصلاحات. وقد برز هذا التلازم عبر الخطوات الحكومية والوزارية المتصلة بالإعداد لإصدار مشروع إصلاح المصارف وإطلاق آليات تعيين الهيئات الناظمة في الوزارات الخدماتية الأساسية من جهة، فيما برزت معطيات جديدة تتعلق بحقيقة ما بلغه انتشار الجيش اللبناني من حجم وإجراءات في جنوب الليطاني.
ومع ذلك، لم يكن ممكناً تجاهل المواقف الجديدة التي اطلقتها نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس بعد يومين من نهاية زيارتها للبنان، وسط معلومات عن عودتها إلى بيروت في زيارة ثالثة قبل نهاية الشهر الحالي. وإذ اتّسمت زيارتها الأخيرة لبيروت بالتقليل من المواقف الإعلامية بدا لافتاً إطلاق أورتاغوس أمس مواقف نارية ضد “حزب الله” على غرار البيان الذي أعلنته من قصر بعبدا في زيارتها الأولى، ودعوتها لبنان إلى نزع سلاح الحزب و”استئصاله”. فقد قالت في مقابلة تلفزيونية إنه “يجب نزع سلاح حزب الله بالكامل”، وأضافت، أن “حزب الله مثل السرطان وعلى لبنان استئصاله إذا أراد التعافي”، مشيرة إلى أن “إيران جرّت المنطقة إلى مرحلة خطيرة من عدم الاستقرار”. ولفتت إلى أن “الجيش اللبناني قادر بإمكاناته الحالية على نزع سلاح حزب الله”. وقالت: “الطريقة الوحيدة لخروج لبنان من أزمته هي رفض أي دور لإيران وحلفائها”، مشيرة إلى أن “لدى الولايات المتحدة توقعات متفائلة في دور نبيه بري في المرحلة المقبلة”. وأعلنت “أننا نتوقع إصلاحات في لبنان، لكن لصبر إدارة الرئيس دونالد ترامب حدودا”. وتابعت، “نريد أن يشعر اللبنانيون بالأمان عند وضع أموالهم في المصارف”. وقالت: “أبلغت المسؤولين اللبنانيين عدم التعويل على اجتماع البنك الدولي من دون إقرار الإصلاحات من المجلس النيابي”. ولفتت إلى أن “على المسؤولين اللبنانيين أن يظهروا للبنك الدولي أنهم جادون ليس فقط بالكلام”.
وكانت نتائج زيارة أورتاغوس الأخيرة لبيروت عُرضت في اجتماع بين رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام مساء أمس فضلاً عن الخطوات الحكومية الجارية.
أما العامل البارز في ملف انتشار الجيش اللبناني في جنوب الليطاني، فتمثل في ايضاحات لمسؤول عسكري بارز في لجنة مراقبة وقف النار الذي كشف في معرض تأكيده مضي اللجنة في عملها من دون أي توقف أو عقبات، أن هناك أكثر من 500 عملية تدمير أجريت لمواقع ومراكز مسلحة وأسلحة متفرقة تم رصدها منذ بداية عمل اللجنة.
واعتبر المصدر أن اللجنة نجحت في تفادي أي احتمال للعودة إلى الحرب وهي تلمس لمس اليقين أن “حزب الله” لم يقم بأي محاولة لخرق اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل. وأعلن المصدر نفسه أن اللجنة مستمرة في عملها ولم تعلّقه لأي سبب خلافاً لما يتردد، والتنسيق يومي بين أعضائها.
وكشف أن التركيز هو على منطقة جنوب الليطاني التي باتت في عهدة الجيش كلياً باستثناء النقاط الخمس التي تحتلها إسرائيل، والعمل متواصل لنزع السلاح وتفكيك مراكز ومنع التلوث وتنظيف المخلفات. ولفت إلى أن إطلاق الصواريخ المجهولة جرى من خارج نطاق مهمة اللجنة، لذلك لا يمكن لها التحقيق فيه بل هو في صلب مهمة الجيش. وقال إن دينامية العمل مستمرة، أما الانتقال إلى شمال الليطاني، فهو يتم عبر قرارالدولة اللبنانية، ولذا ستركز اللجنة على إنجاز العمل في جنوب الليطاني أولاً، ثم الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس، على أن توسّع ربما لاحقاً عملها ليغطي كل المناطق.
وبدورها، أكدت امس قوات اليونيفيل أنها تواصل رصد الوجود الإسرائيلي والضربات الجوية التي تستهدف الأراضي اللبنانية. وفي هذا السياق، شددت اليونيفيل على أهمية احترام جميع الأطراف للقرار 1701، محذرة من أن أي تصعيد قد يعرض الاستقرار الهش في لبنان للخطر.
الإجراءات الحكومية والوزارية
أما في الورشة الداخلية، فلم ينجز مجلس الوزراء أمس مشروع قانون إعادة تنظيم المصارف الذي لا يزال يحتاج إلى مزيد من النقاش، بل أقرّ مجلس الوزراء الأسباب الموجبة للمشروع، على أن تُعقد جلسة للمجلس الجمعة المقبل لاستكمال دراسة مشروع القانون.
وفي إطار الإجراءات الإصلاحية، عُقد أمس اجتماع في وزارة المال، حضره عن الجانب اللبناني وزير المال ياسين جابر وعن صندوق النقد الدولي رئيس الوفد إلى لبنان ارنستو راميريز ريغو، وجرى خلال الاجتماع عرض للمواضيع التي سيناقشها الصندوق أثناء زيارة الوفد اللبناني إلى واشنطن للمشاركة في المؤتمر السنوي للصندوق في ربيع عام 2025. وأشار ريغو إلى أن الصندوق سيتشاور مع الوفد اللبناني في شأن الرؤية الإصلاحية ومسار المالية العامة للأعوام الخمسة المقبلة التي ستتناول موجبات إعادة الإعمار وإعادة جدولة الديون ومواجهة متطلبات الحاجات الاجتماعية، إضافة إلى مساهمة الخزينة في تمويل الإنفاق الاستثماري ورسملة مصرف لبنان في مواجهة الأزمة المصرفية الحالية. وبعد عرض لما توصلت إليه الحكومة لجهة تعديل قوانين الإصلاح المصرفي، شدّد ريغو على أهمية إقرار تلك القوانين قبل الاجتماعات مع كبار المديرين في الصندوق في واشنطن لما في ذلك من أبعاد إيجابية على خطوات الإصلاح.
وفي هذا السّياق، أعلنت أمس وزارة الاتّصالات عن فتح باب الترشيح لخمسة مناصب شاغرة في الهيئة المنظّمة للاتّصالات وهي، رئيس للهيئة وأربعة أعضاء. وجاء هذا الإعلان بعد أكثر من 13 سنة من الغياب الفعلي للهيئة المنظّمة للاتّصالات، في خطوة تهدف إلى تفعيل دورها الأساسي في تنظيم قطاع الاتّصالات وضمان شفافيّته وفعاليّته.
وفي السياق نفسه، سوف تطلق وزارة الطاقة والمياه أولى خطواتها أيضاً لتعيين الهيئة الناظمة للمرة الأولى منذ صدور القانون الذي ينص على تشكيلها عام 2002 ولم ينفذ بعد. وسيلي تعيين الهيئة وفق الأولويات التي وضعها وزير الطاقة والمياه جو صدي الانكباب على تحسين الجباية في قطاع الكهرباء وسط المضي في إنجاز الحوافز والتسهيلات لتوسيع الطاقة الشمسية كما جرى أخيراً عبر إعفاء المواطنين تماماً من أي إجراءات استباقية لاستعمال الطاقة الشمسية، ومن ثم إنجاز البنية القانونية والإدارية لعمليات التلزيم المتصلة بقطاع الكهرباء والطاقة، ومن ثم إقامة معمل أو أكثر لإنتاج الطاقة على الغاز بإيجاد المستثمرين والتمويل.
على صعيد التحركات الديبلوماسية، التقى الرئيس عون في بعبدا أمس سفير لبنان في دولة الإمارات العربية المتحدة فؤاد دندن، الذي عرض لأوضاع الجالية اللبنانية في دولة الإمارات والعلاقات الثنائية بين البلدين، وللتحضيرات الجارية للزيارة الرسمية التي ينوي رئيس الجمهورية القيام بها لأبو ظبي تلبية لدعوة من رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. وأفادت معلومات أن رئيس الجمهورية سيزور قطر في 16 الجاري تلبية لدعوة وجهها إليه أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
ليس بعيداً، وعشية زيارة مرتقبة له إلى سوريا مطلع الأسبوع المقبل، يزور رئيس الحكومة نواف سلام بكركي اليوم.