نصرالله في مأزق.. تناقض وإرباك خوفاً من “غلطة كبيرة”
نصرالله وحزبه في وضع مأزوم ومربك. هو أولاً غير قادر على عدم الرد، فقضية فؤاد شكر واستهدافه وتصفيته في قلب الضاحية الجنوبية عرين “الحزب”، كبيرة، ولا يمكنه التغافل عنها، بالتالي هو مضطر للرد. ثانياً، هو أطال الوقت للرد لأنه عملياً كان يتأنّى ويتمهّل ويتريّث كي لا يرتكب غلطة كبيرة يدفع ثمنها غالياً، بمعنى أن يأتي الرد من خارج السياق الذي يريده وبما يأخذه إلى مواجهة واسعة ويعطي إسرائيل حجة لاستدراجه إليها، إذ إن نصرالله يعتبر أن أي رد خارج عن السقف الذي يريده ويطمح إليه هو استدراج إسرائيلي له من أجل أن تذهب تل أبيب إلى الحرب الواسعة”.
مصادر سياسية مطلعة، ترى أنه “من جهة، نصرالله غير قادر على عدم الرد على الضربة الموجعة باغتيال الرقم واحد على المستوى العسكري في الحزب، ومن جهة ثانية هو مضطر للرد، فتأخر كثيراً في الرد نتيجة هذا الإرباك والمأزق الذي وجد نفسه فيه”، لافتة إلى “التناقض الواضح في المواقف التي تصدر أو يتم تسريبها للصحف ووسائل الإعلام التي تدور في فلكه. فبعدما كان “الحزب” يسرّب منذ مقتل شكر بأنه تأخر في الرد لأن هناك مفاوضات قائمة حول الوضع في غزة، كان في الوقت ذاته يقول بأن الرد لا علاقة له بنتائج هذه المفاوضات”.
تضيف المصادر ذاتها، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني: “كل هذا التناقض حول التأخر في الرد يعكس المأزق والإرباك لدى نصرالله وحزبه. نصرالله والحزب في مأزق، كشفوا أنفسهم، مرة يقولون ردّنا لا يتعلق بما ستؤول إليه مفاوضات الهدنة في مسألة غزة، ومرة ثانية يفعلون العكس ويقولون تأخرنا في الرد لأننا كنا نعطي فرصة لهذه المفاوضات، فعلى من يضحكون؟”.
من هنا، من الواضح وفق المصادر عينها، أن “نصرالله مربك، فهو لا يمكنه عدم الرد وتأخر في الرد، ويرى أن هناك ضغطاً كبيراً عليه من داخل بيئته وشارعه، كما يرى بأن إيران لا تريد الرد واتخذت قرارها بهذا الشأن فأكثر من مسؤول إيراني صرّح في الأسبوع الماضي بأنه من غير الوارد لديهم بأن يردوا، بالتالي لم يعد بإمكانه إلا أن يردّ، فقام بهذا الرد الذي هو ما باستطاعته فعله، فهذا ما يقدر عليه وهذا حجم قوته، على الرغم من أنه تفاخر بأن نيته كانت ضرب 300 صاروخ فضرب 340، علماً بأن إسرائيل كشفته بشكل استباقي ونفذت وفق ما قالت 40 غارة شاركت فيها 100 طائرة على قرى وبلدات الجنوب زاعمة أنها قصفت منصات لإطلاق الصواريخ”.
برأي المصادر نفسها، أن “هذه هي وضعية نصرالله والحزب حالياً. هو غير قادر على الامتناع عن الرد وهذا هو الرد الذي يستطيعه، وكان يريد أن يزيح عن كاهله مسألة الرد على مقتل شكر لأنها شكّلت ضغطاً معنوياً كبيراً جداً داخل الحزب وداخل بيئته الحاضنة، بالإضافة إلى الضغط داخل البيئة اللبنانية بمختلف تلاوينها، فالأصابع كانت توجّه لنصرالله بأنه يأسر الرد فضلاً عن المخاوف ممّا سيليه وما يمكن أن يكون الرد الإسرائيلي المدمّر بالمقابل، وبأنه يضع البلد في حالة انتظارية وجمود قاتلين وأنه مسؤول عن تعطيل حركة المطار والاقتصاد المتراجع شبه المتوقف والمأزوم أصلاً، لكل ذلك كان نصرالله يريد رفع كل هذا الضغط عن كاهله”.
لكن اللافت، تضيف المصادر، أنه “ما أن حصل الرد على مقتل شكر، لم يعرف نصرالله كيف يطل من أجل أن يعلن اكتفاءه به. فهل يعقل أن أحداً يخوض حرباً طاحنة ويعلن الانتصار تلو الانتصار ويعد بردّ مزلزل، وبالكاد لم تمض 5 ساعات على ردّه، يخرج ليقول أنا اكتفيت؟! إسرائيل من الطبيعي أن تعلن اكتفاءها برد نصرالله، لكونها لم تتضرر بشيء يذكر كي تقول إنها تريد الرد على الرد، فعلام ترد ولم تلحق بها خسائر تذكر؟”.
تتابع: “نصرالله اليوم في موقع غير القادر والعاجز عن الرد حكماً بالمستوى والحجم ذاته على الضربات والردود الإسرائيلية التي يتلقاها، أي اغتيال مقابل اغتيال من المستوى ذاته، هو غير قادر على الذهاب إلى هكذا معادلة. بالتالي، نصرالله مربك بعدما دخل في حرب وهو غير قادر على الخروج منها، لأنه يعتبر بأنه في حال خروجه اليوم سيظهر أمام الجميع خصوصاً بيئته بأنه أخطأ في حرب المساندة. فحرب المساندة لا تعرف نهاية لها، وهو يتوق لهدنة لا تتحقق لكي يعود ويحاول إيجاد طريقة لتدوير الزوايا، من هنا وضعيته المربكة بشكل كبير”.
المصادر تلفت، إلى أن “نصرالله يطلق صواريخ ومسيّرات لا تصيب أهدافاً استراتيجية في إسرائيل، بينما الأخيرة في المقابل تتمكن من ضرب أهداف استراتيجية لدى “الحزب”. فبالتوازي مع استهداف القيادات والكوادر، إسرائيل تدمّر مخازن الأسلحة والصواريخ لدى “الحزب”. لذلك، كسرت القواعد التي تفرضها إسرائيل حالياً كل ما يسمّى توازن الرعب وتوازن الردع وأصبحنا في مكان آخر”.
أما من هنا فصاعداً وما يمكن أن يحصل؟، فترى المصادر السياسية المطلعة أن “الأمور ستكمل وهذه الحرب لا يمكن أن تنتهي إلا بعدما تحقق إسرائيل شروطها. في المقابل، “الحزب” لم يعد بإمكانه التراجع والخروج للقول إن حرب المساندة انتهت لأنه ربط نفسه بحرب غزة بشكل نهائي، فيما إسرائيل لن تتوقف لأنه بالنسبة لها هي مستفيدة من هذه الحرب لأنها لا تخسر خسائر بشرية وتتفادى التوغل العسكري البري لتجنُّب الخسائر البشرية، وبالتالي هي مستفيدة من طبيعة هذه الحرب بالشكل التي هي عليه”.
“إسرائيل حدَّدت سقفها بأنه لا عودة إلى ما قبل 7 و8 تشرين الأول العام 2023، أي لا عودة لحركة ح عسكرياً وسياسياً إلى داخل غزة، ولا عودة للحزب إلى الحدود. هل “الحزب” قادر على تحمُّل خسارة وجوده على الحدود مع إسرائيل بهذه السهولة؟، هو غير قادر، غير قادر على وقف الحرب وغير قادر على خسارة الحدود، وبالتالي الأمور ستكمل حتى إشعار آخر وهذه كانت جولة من الجولات، لكن كلما طال أمد الحرب كلما ظهرت وضعية “الحزب” وانكشف أكثر فأكثر، وكلما أظهر مزيداً من الضعف وتلقي المزيد من الخسائر”، تختم المصادر.