لبنان يترقّب مصير الإقليم: مفاوضات سلطنة عمان ترسم مستقبل المنطقة
كتبت صحيفة “الديار”: على وقع صدمة اعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب، بحضور رئيس الوزراء الاسرائيلي، عن انطلاق «المفاوضات المباشرة» مع طهران، بعد ان بلغ التصعيد الكلامي حدوده القصوى استفاق العالم على صدمة خالفت كل التوقعات، اذ ان غبار التصريحات النارية التي سادت الايام الماضية، مترافقة مع التعزيزات العسكرية، اخفت خلفها انطلاق المحادثات الاميركية – الايرانية، والتي ستستمر، بشكل مباشر في سلطنة عمان.
فالزيارة الخاطفة لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن، والتي التقى خلالها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للمرة الثانية منذ عودته إلى سدة الرئاسة الأميركية، لم تأتِ وفق تمنياته، بالعودة الى بلاده محمّلاً بانتصارات في ملفات إيران، الرسوم الجمركية، والتمركز التركي في سوريا، بعد أن فاجأه ترامب بإبلاغه أن واشنطن وطهران ستعقدان، السبت المقبل، «مفاوضات مباشرة» حول الملف النووي الإيراني، وأن الرسوم الجمركية ستستمر؛ وبأن اردوغان «صديقه»، وبالتالي على نتنياهو أن يتصرف «بعقلانية».
وكانت بوادر القلق في إسرائيل من نتائج هذه الزيارة بدأت بالظهور من طريقة الإعلان عنها، إذ بعد أن جرت العادة أن تسبق زيارات المسؤولين الإسرائيليين إلى الولايات المتحدة الأميركية تحضيرات واستعدادات، فإن هذه الزيارة تمت على عجل، وعلى شاكلة استدعاء.
الانتظار اللبناني
في كل الاحوال، رأت مصادر سياسية ان مفاوضات السبت في عمان بين واشنطن وطهران، ستشكل منعطفا اساسيا ومهما، ان لم يكن مصيريا، لما لها من تاثير على الكثير من الخيارات والاستراتيجيات الاميركية في المنطقة، ومن ضمنها لبنان، الذي يقع في دائرة تاثيرها المباشر.
وتابعت المصادر بان هذه الاجواء انعكست ارباكا وتشويشا على الصعيد الداخلي اللبناني، الذي عاد من جديد الى مربع الانتظار والترقب، وهو ما دفع بالوسيطة مورغان اورتاغوس، الى اعطاء الجانب الاقتصادي الحيز الاكبر من مباحثاتها، ما ترك بعض الارتياح في عين التينة، رغم الجمود السياسي الداخلي، والاقتصادي والمالي والسياحي، حيث يبدو ان رفع حظر سفر الرعايا الخليجيين، من غير القطريين والكويتيين، سيبقى ساري المفعول.
وختمت المصادر بان التشدّد في الحديث الأميركي عن الوقت الذي لم يعد في خدمة لبنان، يخفي في طياته أجندةً تتضمن خطوات عاجلة تشمل السلاح تمهيداً لحصر قرار الحرب والسلم بيد الدولة فقط، وهو الهدف المحوري والذي تضغط واشنطن لتحقيقه خلال فترة زمنية قصيرة، من أجل توظيفه في ملفات إقليمية ستطرحها في مفاوضاتها مع إيران.عليه فان الاسبوعين القادمين سيكونان حاسمان بالنسبة للمنطقة كما للبنان، والذي يتوقع في نهايتهما ان تزور اورتاغوس بيروت من جديد، لاعادة تحريك المسار اللبناني في الاتجاه المطلوب.
تصعيد اورتاغوس
من جهتها رات اوساط اميركية أن هدف المفاوضات مع طهران محاولة التوصل إلى صفقة تريح المنطقة وتساهم في حل الصراعات والحروب المستمرة منذ عقود.
وما لم تقله اورتاغوس في زيارتها للبنان وفي اعقاب اجتماعاتها مع كبار المسؤولين في العلن، كشفت عنه امس بقوة وصراحة «فاقعة»، بعبارات لم يقلها اي مسؤول اميركي بمثل هذه التوصيفات، عبر سلسلة من الاطلالات الاعلامية، كاشفة المزيد من خبايا وخفايا زيارتها، مصرحة بان ايران اوصلت المنطقة لمكان خطير، يوجب معه حل مسألة سلاح حزب الله.
وتابعت بان واشنطن ترغب بان يشعر اللبنانيون بالامان عند وضع اموالهم في المصارف، كاشفة انها ابلغت المسؤولين الذين التقطهم عدم التعويل على الاجتماعات مع البنك الدولي وصندوق النقد دون اقرار الاصلاحات في المجلس النيابي، اولا، واظهار المعنيين انهم جادون في اصلاحاتهم «بالفعل لا بالكلام فقط».
الاصلاحات المالية
تحذيرات الوسيطة الاميركية الاقتصادية، حركت الحكومة التي بدأت مناقشة مشروع قانون يرمي الى تعديل «السرية المصرفية»، والتي كانت اورتاغوس قد ابلغت المعنيين به «تحفظها» على بعض التعديلات المقترحة والتي لا تلبي الغاية منها، كما انها لا تتوافق مع مبدأ الشفافية، كما اقرت الاسباب الموجبة لمشروع قانون اعادة هيكلة القطاع المصرفي، الذي يلاقي جملة اعتراضات ابرزها من جمعية المصارف والمودعين الذين يتوجسون من اقراره بدون خطة نهوض اقتصادي تراعي الفجوات المالية، وبالتالي قد تؤدي الى شطب اموالهم، على امل ان تنجز مهمتها مطلع الاسبوع القادم وتحيل المشاريع الى المجلس النيابي.
امر دفع باوساط سياسية الى ابداء خشيتها مما يجري طبخه، داعية الى انتظار كيفية تعامل المجلس النيابي مع حزمة القوانين، وتحديدا المتعلق بالسرية المصرفية، وما اذا كان سيكتفى باحالته الى اللجان المشتركة لمناقشته قبل 21 الشهر، ام سيتم انجاز التصويت عليه في الهيئة العامة قبل هذا التاريخ، وسط ريبة دولية من المحاولات المستمرة للالتفاف عليه، رغم التهديدات الاميركية الواضحة.
التعيينات
والى جانب الورشة القانونية والدستورية، تستمر ورشة انجاز التعيينات التي تشهد بعض التباينات بين الرئاسات الثلاث، حول الاسماء. ففي دليل اضافي على الوصاية المفروضة على لبنان، كشفت المعلومات ان تعيينات رئيس مجلس الانماء والاعمار واعضائه، تشمل عملية شد حبال، في ظل الضغط الدولي وتحديدا الاميركي المفروض، حيث وضعت مهلة نهاية نيسان لانجاز العملية.
ووفقا لمصادر متابعة فان الجهات المانحة تفضل هذه المرة حصر ملف الاعمار بمؤسسة واحدة، خلافا لعام ٢٠٠٦، ما يسهل عملية الرقابة الدولية على صرفها وقد تم اختيار مجلس الانماء والاعمار لهذه المهمة، نظرا لمرونة انظمته وسرعة تحركه، من هنا فان تعييناته وضعت تحت المجهر الدولي، باعتبارها المحك الاول والتي عليها يتوقف صرف قرض البنك الدولي للاعمار والمقدر ب ٢٥٠ مليون دولار.
وليس بعيدا، شارف وزير العدل على استكمال انجاز التشكيلات القضائية، التي وصفت بانها الاكبر في تاريخ الجسم القضائي بعدما حلت معظم العقد التي كانت قائمة، فيما يبقى النقاش مستمرا حول مركزي رئيس مجلس القضاء الاعلى، حيث يميل الوزير الى ابقاء الرئيس سهيل عبود في مركزه، فيما يتردد الرئيس عون، وكذلك بالنسبة لموقع المدعي العام المالي، الذي يحتاج الى اتفاق مع رئيس مجلس النواب، على ان تصدر نهاية نيسان.
اما فيما خص مجلس ادارة تلفزيون لبنان، وفيما استحدث الوزير بول مرقص مكتبا له في مبنى تلة الخياط لادارة المؤسسة بشكل مباشر، يبدو ان تعيينات التلفزيون عالقة، بعدما «شوشطت طبخة» الوزير، ما دفع باعضاء منها للانسحاب، مقابل جولات يقوم بها بعضهم الاخر لدى جهات داخلية وخارجية لتثبيت اسماءهم، تزامنا مع حديث عن تغيير سيلحق باذاعة لبنان وبالوكالة الوطنية.
انقلاب قواتي؟
وفي اول اشارة الى ما يمكن ان يكون قد تطرق اليه العشاء السري في معراب، نقلت اجواء وصفت بال»غير مشجعة»، اذ كشفت مصادر قواتية ان الحديث عن حوار حول استراتيجية امن قومي ومن ضمنها استراتيجية دفاعية، هو لزوم ما لا يلزم، بعدما تم «تدويل» موضوع سلاح حزب الله واتخذ القرار الدولي بشانه، وبالتالي فان المطلوب اليوم من الدولة اللبنانية التعامل بجدية مع الملف وليس على طريقة «ابو ملحم»، مرحبة بان يكون هناك حوار بين الجيش اللبناني وحزب الله بشان آلية تسليم السلاح وليس قرار التسليم.
كلام وضعته اوساط وزارية تحت عنوان الضغط السياسي على رئيس الجمهورية والحكومة لدفعهم باتجاه التصعيد بوجه الحزب، خصوصا أن «الحكيم» يترك لنفسه هامشاً سياسياً واسعاً يتمايز به عن الحكومة لتبرئة نفسه من أي فشل يصيبها في ملف سلاح حزب الله، مستبعدة ان يكون انقلابا قواتيا على العهد.
اجراءات جنوبا
ميدانيا، تستمر وتيرة الاعتداءات الاسرائيلية على حالها من استهدافات للبشر والحجر، وسط اعمال تحصين وتوسيع للمواقع الخمس التي يحتلها الجيش الاسرائيلي، على وقع التحليق المستمر للطائرات المسيرة، وطائرات الحرب الالكترونية «نحشون» التي كثفت من عمليات جمع المعلومات، تزامنا مع تعزيز الجيش اللبناني لعمليات المراقبة لضبط الوضع على طول نهر الليطاني، وشماله، بعد اطلاق الصواريخ اللقيطة، التي لم تنجح التحقيقات حتى الساعة في الجزم حول هوية مطلقيها، مستعينا بطائرة «سيسنا» ومسيرات «سكاي ايغل».
سلام الى دمشق
وفيما يتوقع ان يقوم رئيس الجمهورية بزيارة الى كل من قطر والامارات، حيث سيسمع الكلام ذاته الذي سمعه في الرياض، يتوقع ان تقود الاتصالات اللبنانية – السورية برعاية المملكة العربية السعودية، رئيس الحكومة نواف سلام الى دمشق، على راس وفد وزاري يضم وزراء الدفاع والداخلية والخارجية، لعقد قمة مع الرئيس السوري احمد الشرع، على جدول اعمالها ملفات، ضبط الحدود والامن، تفعيل عمل لجان ترسيم الحدود، الموقوفين السوريين والاسلاميين في السجون اللبنانية، ومسالة الاتفاقات الموقعة بين البلدين في فترة النظام السابق.
ملف المرفا
في الاثناء، يتحرك ملف المرفا بوتيرة سريعة، مع دخوله المرحلة الاخيرة والاكثر دقة، وهي مخصصة لاستجواب القادة الامنيين والشخصيات السياسية والقضاة، اذ تتجه الأنظار إلى جلسة التحقيق المتوقعة يوم الجمعة، التي سيعقدها المحقق العدلي في تفجير مرفا بيروت، والتي استدعى اليها كل من المدير العام السابق للامن العام اللواء عباس إبراهيم، والمدير العام السابق لامن الدولة اللواء طوني صليبا، للمرة الثانية، بعد تعذر تبليغه لوجوده خارج البلاد.
مصادر قضائية كشفت ان اللواء عباس ابراهيم يدرس القرار المناسب، اما فيما خص صليبا، فان الصورة ستتضح امام البيطار خلال الايام المقبلة، وفقا للمصادر، التي رفضت التنبؤ بما يمكن ان يحصل، معتبرة ان حضور وكيله القانوني، يؤشر الى رغبته في التعاون مع التحقيق، اما في حال العكس، فسيتخذ البيطار القرار المناسب، علما ان مقربين من «اللواء» يؤكدون انه غادر الاراضي اللبنانية، بعد استئذان رئيس الحكومة الذي يتبع له اداريا، وانه موجود في قبرص التركية، حيث يملك نجله عددا من المشاريع «السياحية»، مشيرة الى ان زوجته تبلغت الاستدعاء الجديد.
هذا وكشفت المصادر، عن زيارة مرتقبة لوفد قضائي فرنسي إلى لبنان نهاية الشهر الجاري، معني بالتحقيقات التي يجريها القضاء الفرنسي في ملف تفجير المرفأ، حيث يتوقع ان يناقش عددا من النقاط العالقة، ويطلع على ما وصلت اليه تحقيقات البيطار حتى الساعة، في ظل المعطيات والوثائق الجديدة التي باتت بحوزته، كما يتوقع ان يبحث موضوع المساعدة القضائية التي طلبها المحقق العدلي بواسطة استنابة وجهها إلى القضاء الفرنسي عبر النيابة العامة التمييزية.
اوساط دبلوماسية كشفت ان الوفد القضائي الفرنسي سيسلم البيطار كافة المستندات والوثائق، فضلا عن تقرير نهائي يضم المعطيات التي توصلت اليها تحقيقات باريس، متوقعة، على ضوء ذلك ان يسافر البيطار الى الخارج لاجراء بعض التحقيقات والاستماع لبعض الشهود.
علما ان البيطار كان سبق ورفض تزويد قاضيين فرنسيين كانا اجتمعا به قبل عامين، بأي معلومات عن تحقيقاته بحجة أن يده مكفوفة عن الملف نتيجة دعاوى الرد، معتبرا أن فرنسا من الدول التي لم تتجاوب معه لجهة تزويده بصور الأقمار الصناعية المتعلقة بلحظة وقوع انفجار الرابع من آب. فهل باتت تلك الصور متوفرة اليوم؟