الانتخابات البلدية تحت مجهر “لادي”… بالارقام: عدد كبير للمخالفات
في إطار مواكبتها الانتخابات البلدية الأخيرة، أجرت “الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات” (لادي) عملية مراقبة شاملة في مختلف المناطق اللبنانية، بهدف تقييم شفافية العملية الانتخابية وأداء الجهات المعنية.
وفي حديث إلى “النهار”، عرض منسق قسم الإعلام في الجمعية راجي كيروز، أبرز ما رصدته “لادي” من مخالفات، وسلّط الضوء على الثغر البنيوية التي لا تزال تعانيها العملية الانتخابية، مقدّماً جملة من التوصيات الإصلاحية تراها الجمعية ضرورية استعداداً للاستحقاقات المقبلة.
وأشار إلى أن “لادي” كانت حاضرة في كل المحافظات التي شهدت انتخابات، موزعة بين مراقبين ثابتين في مراكز اقتراع مختارة، وخصوصاً في المناطق الكبرى التي شهدت تنافساً حاداً، ومراقبين جوّالين تنقلوا بين المراكز خلال يوم الاقتراع. وواكبت الجمعية عمليات الفرز من خلال فرق دعم إضافية.
أما بالنسبة إلى عدد المخالفات، فأفادت “لادي” أن الأرقام توزّعت على الشكل الآتي: “613 مخالفة في الجنوب والنبطية، 740 في البقاع وبعلبك-الهرمل وبيروت، 754 في الشمال وعكار، و838 في جبل لبنان، ليبلغ المجموع الإجمالي 2945 مخالفة”.
ووفقاً لما رصدته فرق الجمعية، كان أبرز أنواع المخالفات “خرق الصمت الانتخابي، وانتهاك سرّية الاقتراع، وممارسة ضغوط على الناخبين والمرشحين” ، وسجّلت “لادي” أن “خرق الصمت الانتخابي كان من أكثر المخالفات شيوعاً، رغم وضوح التوجيهات الصادرة عن وزارة الداخلية ووزير الإعلام بضرورة التزام المعايير، سواء عبر الإعلام التقليدي أو وسائل التواصل الاجتماعي. أما في ما يخص سرية الاقتراع، فتبين أن العديد من المعازل لم يكن مؤمّنا كما يجب، ما أدى إلى كشف اختيارات الناخبين. كما أُفيد عن تعرّض بعض الناخبين لضغوط مباشرة، تمثلت بمرافقتهم إلى المعزل أو مطالبتهم بإبراز أوراقهم الانتخابية للتأكد من التصويت للائحة معينة”.
وفي ما يتعلق بالضغوط على المرشحين، لفت كيروز إلى أن “الجمعية وثّقت حالات انسحاب من السباق البلدي تحت شعار “تأمين الاستقرار”، لكن المعطيات أظهرت أن الانسحابات كانت نتيجة ضغوط مباشرة من قوى سياسية أو محلية نافذة”. وسجّلت “لادي” أن نسبة البلديات التي فازت بالتزكية بلغت نحو 40%، خصوصاً في الجنوب، ما اعتبرته “مؤشراً لخلل في التوازن الديموقراطي”.
وفي قراءة لمستوى التفاوت بين المناطق، أوضحت “لادي” أن “عدد المخالفات لم يختلف كثيراً بين المحافظات، ولكن من ناحية الأحداث الأمنية، برزت محافظتا عكار وقضاء المنية-الضنية في الشمال، حيث وقعت إشكالات أدت إلى إصابات حتى بعد إعلان النتائج. أما في بيروت والبقاع، فقد ساعدت الإجراءات الأمنية الوقائية على الحد من الفوضى.
كما أظهر تقييم الجمعية لأداء الرؤساء وأعضاء أقلام الاقتراع أن ضعف التدريب كان من أبرز الإشكاليات، إذ تبيّن أن عدداً كبيراً منهم يفتقر إلى الإلمام الكافي بالقوانين والإجراءات، ما أدى إلى ارتباك وأخطاء قانونية في بعض الحالات”.
وشدّدت “لادي” على “ضرورة إقرار قانون انتخابي عصري خاص بالانتخابات البلدية، بما يضمن عدالة أكبر للعملية الانتخابية”. وأوصت بتحسين تدريب موظفي أقلام الاقتراع، وتجهيز المراكز لتكون أكثر شمولية، خصوصاً للناخبين من ذوي الإعاقة. وطالبت بتوسيع صلاحيات “هيئة الإشراف على الانتخابات” وتوفير التمويل الكافي لها، داعية إلى “عدم إبقاء مهلة انسحاب المرشحين مفتوحة حتى منتصف ليل يوم الاقتراع، لما يتيحه ذلك من ضغوط متواصلة على المرشحين”.
وفي تقييمه العام، قال كيروز إن “أداء وزارة الداخلية أظهر تحسناً نسبياً مقارنة بالسنوات السابقة، حيث كانت أكثر تجاوباً مع شكاوى “لادي” والمواطنين”، لكنه أكد أن “العملية الانتخابية لا تزال تعاني ثغرا بنيوية يجب معالجتها قبل انتخابات 2026.”
المصدر: المركزية